تعتبر العديد من العادات الغذائية السيئة سببا في الإصابة بالكثير من الأمراض سيكون الإنسان في غنى عنها بالقليل من الوعي و محاولة تغيير عاداته في الأكل نحو الأفضل و من العادات الخاطئة التي ينتهجها البعض هي الأكل وقوفا وهي تعود إلى النسق السريع الذي أصبحت عليه الحياة العصرية إذ لم يعد من الممكن في كل الأوقات الجلوس و الأكل ببطء و روية إلا أن هذه العادة الخاطئة حذرنا منها رسولنا الأكرم صلى الله عليه و سلم قبل ما يزيد عن 1400 عام و هاهو الطب الحيث يحذرنا كذلك من خطورتها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: لا يشربنّ أحدكم قائما" و عن قتادة رضي الله عنه قال أن النبي نهي أن يشرب الرجل قائما قال: فقلنا: فالأكل فقال : ذلك أشر و أخبث.
و جاء العلم الحديث ليثبت الإعجاز في هذا الحديث النبوي الشريف إذ يقول الأطباء أن الأكل و الشرب في حالة الجلوس أصح و أسلم و أهنأ للإنسان إذ يجري ما يتناوله الشخص على جدران المعدة بلطف حيث يكون الجهاز الهضمي و العضلي في حالة من الراحة لاستقبال الأكل. و يرى الأخصائيون أن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوترا و يكون جهاز التوازن في مراكزه العصبية في حالة من التأهب حتى يتمكن من السيطرة على جميع عضلات الجسم لتحقيق عملية التوازن عند الوقوف منتصبا. ذلك إضافة إلى أن عملية التوازن أثناء الوقوف ترافقها تشنجات في المريء تعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة و محدثة في بعض الأحيان آلاماً شديدة تضطرب معها وظيفة الجهاز الهضمي و تفقد صاحبها البهجة و الراحة عند تناوله الطعام و الشراب. و في الحقيقة فإن الوقوف عملية دقيقة تجعل الإنسان غير قادر على الحصول على الطمأنينة أثناء الأكل و التي يستطيع الحصول عليها في حالة الجلوس حيث يكون الجهاز العصبي و العضلي في حالة من الهدوء و الاسترخاء و تزداد قابلية الجهاز الهضمي لاستقبال الطعام و القيام بعملية التمثيل الغذائي على أحسن وجه. ومن المؤكد أن الهضم الجيد هو الوسيلة الأمثل للإستفادة من الطعام و منافعه. و قد أوضحت بعض الدراسات أن الأكل واقفا يشجع على التهام كميات أكبر من الطعام مع سرعة البلع دون مضغ جيد وهو ما من شانه أن يزيد من فرص حدوث السمنة بين متبعي هذه العادة إذ أن الأكل في حالة جلوس و ببطء يساهم في تحفيز عملية المضغ جيدا و الإحساس بصورة أسرع بالشبع.
أما عن الشرب وقوفا فهو يؤدي إلى هبوط السائل بشكل عنيف على قاع المعدة حيث يصدمها صدما و يؤدي تكرار العملية إلى ارتخاء المعدة و هبوطها و ما يتبع ذلك من مشاكل و عسر في الهضم. و يعتبر الاستمرار في عادة الأكل و الشرب وقوفا أمرا خطر على سلامة جدران المعدة حيث يزيد من خطر حدوث تقرحات في أماكن متعددة من المعدة. وقد رصد الأطباء عدة حالات تعاني من اضطرابات في عملية الهضم و فشلت كل الأدوية في معالجتها لكن كل هذه الاضطرابات اختفت بمجرد التوقف عن الأكل و الشرب في حالة وقوف !
لذلك و حفاظا على الصحة و اتباعا للسنة النبوية من الأولى الجلوس عند الأكل و الشرب إلا عند الضرورة طبعا و قد ثبت عن الرسول انه شرب واقفا في الزحام و عند الضرورة