تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
قد تظاهرت دلائل الكتاب و السنة و إجماع الأمة على وجوب التوبة و أمر الله تعالى بالتوبة فقال : { وَ تُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (1) و وعد بالقبول فقال تعالى : { وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } (2) و فتح باب الرجاء فقال : { قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُنُوبَ جَمِيعًا إنَهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (3) و روي في الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أَنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : « يا أيها الناس توبوا إلى الله تعالى ؛ فإني أتوب إلى الله تعالى في اليوم مائة مرة ».
روى أحمد بن عبد الرحمن السلماني قال : اجتمع أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال أحدهم سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : « إن الله تعالى يقبل التوبة من عبده قبل أن يموت بيوم» ، فقال الثاني : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم . قال : و أنا سمعته يقول: « إن الله تعالى يقبل توبته قبل أن يموت بنصف يوم ». فقال الثالث : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم. قال : و أنا سمعته يقول: « إن الله تعالى يقبل توبة العبد قبل موته بضحوة » أو قال : « بضجعة» . فقال الرابع : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم . قال : و أنا سمعته يقول : « إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر »(4) .
و في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : « الله أفرح بتوبة عبده ، من رجل نزل بأرض دوية مهلكة معه راحلته، فنام و استيقظ و قد ذهبت راحلته ، فطلبها حتى إذا أدركه الموت قال أرجع إلى المكان الذي ضللتها فيه و أموت ، فأتى مكانه ، فغلبته عينه فاستيقظ ، و إذا راحلته عند رأسه فيها طعامه و شرابه و زاده و ما يصلحه. فالله أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن من هذا براحلته و زاده» .
و عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : « و الله إني لأستغفر الله و أتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة » رواه البخاري . و عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : « إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ». (5) رواه مسلم . و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه » رواه مسلم . و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : « كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة و تسعين نفسًا
، فسأل عن أعبد أهل الأرض ، فدل على راهب ، فأتاه فقال : إنه قتل تسعة و تسعين نفسًا فهل ل من توبة ؟ قال : لا ، فقتله و كمل به المائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم ، فأتاه و قال له : إنه قد قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ قال : نعم ، و من يحل بينك و بين التوبة ، انطلق إلى كذا و كذا ، فإن بها أناسًا يعبدون الله تعالى فاعبد الله تعالى معهم ، و لا ترجع إلى أرضك ؛ فإنها أرض سوء ؛ فانطلق حتي كان نصف الطريق أدركه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة ، و ملائكة العذاب . فقالت كلائكة الرحمة : جاءنا تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى ، فقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرًا قط ، فأتاهم ملك في صورة آدمي ، فحكموه بينهم فقال : قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيهما كان أدنى؛ فهو أقرب لها ، فقاسوه ، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة ».متفق عليه. و في الصحيحين : « فكان أدنى إلى أرض التوبة الصالحة بشبر فجعل من أهلها » .
و عن أبي نضرة قال : لقيت مولى لأبي بكر رضي الله عنه فقلت له : سمعت من أبي بكر شيئًا ؟ قال : نعم ، سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « ما أصرّ من استغفر، و لو عاد إلى الذنب في اليوم سبعين مرة »
و كان قتادة رضي الله عنه يقول : القرآن يدلكم على دائكم و دوائكم ، أما دوائكم فهو الإستغفار ، و أما داؤكم : فالذنوب . و كان علي كرم الله وجهه يقول : العجب لمن هلك و معه كلمة النجاة ، قيل : قيل و ما هي ؟ قال الإستغفار . و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « من قال عشرا حين يصبح وحين يمسي : أستغفِر الله العظيم الذي لا اله هو الحي القيوم و أتوب اليه ، و أسأله التوبة والمغفرة من جميع الذنوب ، غُفرت ذنوبه و لو كانت مثل رمل عالج ، و من قال : سبحانك ظلمت نفسي و عملت سوءًا ، فأغفر لي ذنوبي فانه لا يغفر الذنوب الا انت ، غُفرت ذنوبه و لو كانت مثل دبيب النمل » .
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبهيشي . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي .
سبحانك ربي أ ستغفرك وأتوب اليك من شرور نفسي و سيئات أعمالي ، فأغفر لي ذنوبي و سيئاتي ، فانه لا يغفر الذنوب الا انت سبحانك .