اكتسب السكر سمعة سيئة على مرّ السنوات بسبب قدرته على تسبيب البدانة وتسوس الأسنان. إلا أن السكر يبقى رغم ذلك ضرورياً لنمو الطفل، شرط الموازنة بشكل جيد بين السكريات السريعة والبطيئة.
قد تقولين: السكر! لا أعطيه أبداً لطفلي. لكن السكر ضروري لصحة طفلك ونموه. لا بل إن السكريات هي المأخوذ الأساسي للطفل الصغير. بالفعل، بين عمر 6 أشهر وسنتين، تكون احتياجات الطفل إلى السكر 10 مرات أكثر من احتياجاته إلى البروتيد. وبين عمر 2 و3 سنوات، تكون احتياجات السكر 5 مرات أكثر من احتياجات البروتيد. وبين عمر 6 أشهر و3 سنوات، يحتاج الطفل إلى سكريات 3 مرات أكثر من الدهون. فالسكريات تمنح الطاقة إلى الجسم، ويحتاج إليها الطفل لنمو خلاياه العصبية خصوصاً وأنها بمثابة وقود للدماغ. من جهة أخرى، لا يملك الطفل أية احتياطات، وعليه تلقي السكريات بشكل منتظم. وفي حال عدم حصول الطفل على كمية كافية من السكريات، يمكن أن يعاني من نقص السكر في الدم، ما يؤدي ربما إلى الغيبوبة وإلى الكثير من العواقب السلبية الوخيمة في الدماغ.
اللاكتوز مصدر أساسي
يعتبر اللاكتوز، أو سكر الحليب، المصدر الأساسي للسكريات بالنسبة إلى الطفل، خصوصاً وأن الحليب يبقى طعاماً أساسياً للطفل حتى عمر 3 سنوات، إلا في حال معاناته من حساسية معينة تجبره على تناول حليب خاص موصوف من قبل الطبيب. يحتاج الطفل إلى 500 مل من الحليب على الأقل في اليوم، على أن توزع هذه الكمية على الوجبات الأربعة في النهار (الفطور، الغداء، وجبة بعد الظهر والعشاء). وبعد عمر 5 أشهر، يمكن استبدال الحليب باللبن أو الجبنة البيضاء أو القشدة. ويعتبر لاكتوز الحليب، الخالي من أي سكر مضاف، نوعاً جيداً من السكريات. أما السكر المضاف على شكل بودرة أو مربى أو عسل، فيعني جعل الطفل معتاداً على مذاق حلو جداً، فيما يستطيع الاستغناء تماماً عن هذه السكريات القوية والاكتفاء بالسكريات الطبيعية الموجودة في أطعمته والتي تعتبر كافية للتوازن الغذائي والنمو. تجدر الإشارة إلى أن الالتزام بهذه القواعد البسيطة منذ الأشهر الأولى في حياة الطفل تثمر لاحقاً لناحية الوزن ومستوى السكر في الدم...
في نهاية الوجبة...
عند استهلاك كمية مفرطة من السكريات، تتكدس هذه الأخيرة في الجسم وتتحول إلى دهون. ولتفادي تسوس الأسنان، لا تقدمي أبداً لطفلك أطعمة غنية بالسكر بين وجبات الطعام، ولا قبل الخلود إلى النوم. وداعاً للحليب الممزوج بالسكر مساء لأنه يسبب تسوس الأسنان والكثير من المشاكل الأخرى في اللثة. كما أن الطفل الذي يعتاد على استهلاك الكثير من السكر منذ نعومة أظفاره يصبح عاجزاً عن الاستغناء عنه في مرحلة لاحقة من حياته. تعود إلى الأهل إذاً مسؤولية تعليم الطفل العادات الجيدة منذ الصغر والحؤول دون اكتسابه عادات غذائية سيئة مضرّة بصحته. لا تحاولي أبداً جعل السكر أو الأطعمة الغنية به نوعاً من المكافأة للطفل وإلا تحفزين سعيه للحصول على الراحة في السكاكر أو الشوكولا بعد أي فشل أو خسارة. واعلمي أن هذه العادة السيئة، في حال اكتسابها، تستمر معه طوال الحياة. احرصي أيضاً على عدم جعل الطفل معتاداً على لقمشة الأطعمة الغنية بالسكر بين الوجبات الرئيسية، وإنما تناولها فقط في نهاية وجبة الطعام الرئيسية المحتوية مبدئياً على سكريات بطيئة وألياف وبروتينات.
السكريات السريعة والبطيئة ضرورية على حد سواء
نعلم جيداً أن الحليب ليس المصدر الوحيد للسكر. فمع تنوع الغذاء تدريجياً مع مرور الأيام، يحصل الطفل على السكر من الخضار، والفاكهة، والنشويات والأطعمة الأخرى. يقال عن بعض السكريات إنها بطيئة، فيما تعرف السكريات الأخرى بالسريعة. إلا أن النوعين من السكريات ضروريان على حد سواء. فالسكريات البطيئة تنتشر ببطء في الجسم وتزود الطفل بالطاقة لفترة طويلة، وهي التي تحول دون الشعور المفاجئ بالجوع بين الوجبات والصمود حتى موعد الوجبة التالية. تتوافر السكريات البطيئة في نشاء الخبز، والمعكرونة، والأرز، والبطاطا والحبوب.
في المقابل، تنتشر السكريات السريعة بسرعة في الجسم، ولكن ليس ببساطة! فالسكريات السريعة التي تم استهلاكها في نهاية وجبة الطعام تختلط مع الوجبة الغذائية وتتحول إلى سكريات بطيئة عبر تحول كيميائي. لكن في حال تناول السكريات السريعة لوحدها، خارج موعد وجبة الطعام، تبقى سكريات سريعة وتحفز ارتفاع مستوى الأنسولين في الدم ما يدفع إلى اللقمشة المستمرة... وبالتالي إلى البدانة على المدى الطويل.
أية سكريات في أي عمر؟
في عمر 5 أشهر تقريباً، يستطيع الطفل استهلاك السكريات البطيئة من الحبوب المخصصة للأطفال. وفي عمر 9 أشهر، يحصل الطفل على السكريات البطيئة من الشعيرية والأرز بالحليب والخبز، إلا إذا كان الطفل يعاني من حساسية تجاه الغلوتين (الموجود في المعكرونة والحبوب والبسكويت...). وثمة قاعدة ذهبية يجب تذكرها والالتزام بها على الدوام: عدم إضافة السكر إلى حبوب الأطفال. من جهة أخرى، ينصح الأطباء بعدم اللجوء كثيراً إلى المربيات وكريما الشوكولا في سندويشات الأطفال لأنها دسمة جداً وغنية بالكثير من السكر، ويفضلون الاستعاضة عنها بشريحة خبز وقطعة صغيرة من الشوكولا السوداء في عمر السنتين مثلاً. ثمة عادة أخرى يجب أن يكتسبها الطفل منذ نعومة أظفاره وهي عدم تناول الخبز أبداً حين تحتوي الوجبة على نشويات.
بالنسبة إلى السكريات السريعة، يمكن أن يحصل عليها الطفل من الفاكهة الطازجة (أو حتى الجافة بعد عمر 3 سنوات)، والشوكولا في وجبة بعد الظهر شرط أن تترافق مع قطعة خبز (سكريات بطيئة)، وعصير الفاكهة الطازج الخالي من أي سكر مضاف، والحليب. أما ألواح الشوكولا والأنواع الأخرى من الحلويات الدسمة فيجب تفادي استهلاكها يومياً بأي ثمن، والاكتفاء بها في المناسبات الخاصة. بهذه الطريقة، لن تعرضي وزن طفلك أو توازنه الغذائي للخطر...