حبيبتى ..
أعشق سحر عيناكى ..
أحبك بكل جوارحى ..
وسوف يظل حبك دائما فى قلبى ..
وإلى الأبد .
*****************************
- لماذا تأخرت يا أحمد ؟ ، لقد قلقت عليك كثيرا يا بنى .
نظر إلىّ ( أحمد ) ، وبدى عليه الإرهاق واضحا ، وهو يجيب :
- لقد تأخرنا فى العمل هذه اليلة ، ولكن لماذا لم تخلد أنت إلى النوم حتى
الأن يا أبى ؟ ، يجب عليك أن ترتاح ، ولا ترهق نفسك بالسهر .
أبتسمت قائلا :
- لا تقلق يا بنى ، فأنا ماذلت فى عز شبابى .
ابتسم ( أحمد ) ابتسامة خفيفة ، ثم أتجه إلى حقيبته وهو يقول :
- هيا يا حاج محمود ، فلنتناول العشاء سويا ، فأنت لم تأكل شيئا منذ الصباح .
- من قال لك هذا ؟! ، لقد تناولت عشائى بالفعل .
- كيف ؟! ، من أحضر لك العشاء ؟!
نظرت إلى ( أحمد ) مستنكرا ، كيف له أن يسأل مثل هذا السؤال ؟! ، ثم أجبت قائلا :
- والدتك بالطبع هى من أعدت العشاء ...!
ثم أشرت إلى الأطباق الفارغة المتراصة على الطاولة متابعا :
- ألا ترى هذه الأطباق ؟! ، لقد أعدت والدتك العشاء ، وتناولناه سويا ، وظلت تنتظرك كثيرا ، ولكنك تأخرت فغلبها النعاس .
نظر ( أحمد ) إلى الأطباق الفارغة ، ثم عاد مرة أخرى بنظرة إلىّ قائلا فى إصرار :
- لا يا أبى ، لن أتناول عشائى بدونك ، أترضى أن أنام وأنا جوعان ؟
أستسلمت لرغبته ، فجلست معه على الطاولة لنتناول الطعام ، وقد أكتشفت أنى بالفعل جائع ، وكأنى لم آكل منذ قليل ..
وبعد برهه من الصمت ، نظر إلىّ ( أحمد ) وهو يتسائل قائلا :
- هل فكرت فى موضوع ليلى يا أبى ؟
تطلعت إليه أنا الأخر متسائلا ، فتابع محاولا تذكيرى :
- ليلى يا أبى ، ليلى بنت الدكتور شوقى .
أنتفضت فجأة عندما سمعت أسم الدكتور شوقى ، وتغيرت ملامحى ليبدو عليها الغضب واضحا ، والذى أنتقل إلى صوتى وأنا أجيب :
- قلت لك ألف مرة لا .. لن تتزوج من هذه الفتاه .
ثم ثم أبتعدت عن المنضدة تاركا العشاء ، متجها إلى غرفة النوم ، وأنا أتابع بنفس النبرة الغاضبة :
- لن تتزوج بنت الدكتور شوقى هذا ..
لن تتزوجها أبدا ..
******************************
- أماذلت هنا يا أستاذ محمود ؟ ، زوجتك تنجب طفلك الأول فى المشفى ، وأنت ماذلت هنا ؟!!
تطلعت إلى مديرى فى العمل ، ثم نظرت مرة أخرى إلى مكتبى الذى أحاول جاهدا
أن أرتب الأوراق عليه ، ولكن فرحتى بطفلى الأول جعلتنى مرتبكا إلى أقصى حد ،
فكانت الأوراق تتساقط منى بإستمرار ..
أطلق مديرى ضحكة مرحة ، ثم قال لينقذنى من ورطتى هذه :
- هيا يا رجل ، فلترك هذه الأوراق ، وتذهب أنت إلى زوجتك .
بالفعل أنقذتنى هذه العبارة ، فتركت المكتب بأوراقه المبعثرة ، وأسرعت متجها إلى الباب ، ولكن المدير أستوقفنى متسائلا :
- أستاذ محمود ، هل عرفت من تنتظر قدومة ، ولد أم بنت ؟
- نعم ، لقد رأيته أنا وزوجتى ، إن طفلنا سوف يكون ولدا بإذن الله .
- وهل أخترت له أسما أم لم تفعل بعد ؟
- بالطبع أتفقت أنا وزوجتى على الأسم ..
ثم تطلعت إلى سقف الحجرة وأنا أتخيل رضيعى متابعا :
- لقد أتفقنا أن نسميه أحمد ..
*************************
- أنتظر يا أبى .
أستوقفنى ( أحمد ) بهذه العبارة قبل أن أصل إلى غرفة النوم ، ثم تابع – وقد داعب صوته القليل من الحدة – قائلا :
- لماذا يا أبى ؟ لماذا كل مرة أحدثك عن ليلى تفقد أعصابك ثم تذهب وتركنى هكذا ؟
تطلعت إليه ، وأنا أسأل نفسى نفس السؤال ..
لماذا بالفعل كل هذه العصبية ؟ ، ثم لماذا أرفض زواجه من ليلى ؟ ، بل لماذا
أنفعل دائما عندما أسمع أسم والد ليلى الدكتور شوقى ؟ ، فأنا حقا لا أعرف
لماذا ...
أنقطعت أفكارى فجأة عندما لمحت زوجتى وهى تخرج من غرفة النوم ، وفى عينيها نظرة تسائل .. لماذا هذا الشجار ؟ ..
فنظرت إليها وعلى وجهى أرتسمت إبتسامة رقيقة ، ثم إلتفت إلى ( أحمد ) مرة أخرى وأنا أقول فى عتاب :
- أترى ماذا فعلت بصوتك المرتفع هذا ؟ ، لقد أيقظت والدتك وهى مرهقة طوال النهار ، وتحتاج إلى الراحة .
ثم نظرت مرة أخرى إلى زوجتى ، قائلا لها بصوت حنون :
- فلتخلدى إلى النوم مرة أخرى يا حبيبتى ، فلا تقلقى نفسك ، ولا تشغلى بالك ، إنه لأمر بسيط .
تطلعت إلىّ هى الأخرى ، وابتسمت ابتسامة بريئة لتنير وجهها رائع الجمال ،
الذى لم يتسل إليه أى لمحة من التجاعيد .. ثم تطرق إلى مسامعى صوت ( أحمد )
وهو يتنهد تنهيدة طويلة تنم عن الملل الممزوج بالسخرية ، فألتفت إليه فى
غضب واضح قائلا :
- أتريد أن تعرف لماذا أرفض زواجك من بنت الدكتور شوقى ؟
تابعت بسرعة – وأنا أشير إلى زوجتى – دون أن أدع له مجالا للرد :
- هذا لأن والدتك هذه ترفض زواجك منها رفضا باتا ، فهى تكره والدها بشدة ..
ولأنى أحب والدتك وأحترمها ، فيجب أن أحترم رغبتها وأنفذها ..
والدتك هذه هى التى قامت برعايتك طوال هذه السنوات ، فيجب أن تطيعها أنت أيضا ..
والدتك هذه هى ال...
- أبى .. لقد مات أمى منذ زمن ....!!
****************************** **
دلفت إلى المشفى مسرعا وأنا أحترق شوقا لرؤية زوجتى ورضيعى الأول ، ثم صعدت الدرج مسرعا إلى غرفتها ، ولكنى توقفت فجأة ..
لقد كان أقاربى وأقارب زوجتى يجلسون أمام الغرفة ..
وكان البعض منهم حزين ، والبعض الأخر يبكى ..
فتسل القلق إلى قلبى ..
هل حدث لرضيعى شئ ؟
ولكنى رأيت دكتور ( شوقى ) يتقدم نحوى ، ثم يمد يده ليعطينى طفل صغير وهو يقول :
- هذا هو أحمد .. أبنك ..
أخذت منه رضيعى فى لهفة وسعادة ، ولكنى شعرت فى صوته هو الأخر لمحة حزن ، فتطلعت إليه متسائلا فى قلق :
- هل أحمد أبنى بخير حال ؟
- ابنك بخير والحمد لله ، ولكن ..
نظر إلى الأرض فى أسى ، ثم عاد ليرفع رأسه مرة أخرى – وقد ترقرقت الدموع بعينيه – متابعا :
- ولكن زوجتك ..
لم يستطع إكمال عبارته ، ولكنى أدركت ..
أدركت لماذا كل هذا الحزن .. لماذا كل هذه الدموع ..
فشعرت أنى بدأت أفقد توازنى ..
ناولته ( أحمد ) سريعا ..
و ..
*****************************
- نعم يا أبى ، لقد توفت أمى يوم ولادتى ..
نظرت إلى أحمد غير مستوعب ما يقول ..
- .. أنا حتى لم أرها سوى فى الصور ..
ثم تطلعت إلى زوجتى التى ماذالت واقفة بإبتسامتها الساحرة ..
- .. ودكتور شوقى لم يقصر معها ، لقد بذل قصارى جهده ..
ولكن هل صورتها تهتز أمامى أم أنا أهذى ..
- .. ولكنها إرادة الله ..
لا ، ليست صورتها فقط هى التى تهتز فى نظرى ..
- .. وأنا أحب ليلى يا أبى ، ولن أفقدها أبدا ..
لقد كانت الغرفة بأكملها تهتز فى ناظرى ، وبدأ النور يختفى تدريجيا ، ولكنى
ماذلت أرى ابتسامة زوجتى الساحرة .. فابتسمت لها أنا الأخر .. و ..
- حتى لو لم توافق يا أبى ، سو....
أبى .. أبى .. هل أنت بخير ؟!!
أبى ...
وأظلمت الدنيا أمامى ....
**********************
حبيبتى ..
لقد تركتينى وحيدا ..
ولكنى على وعدى ..
لن أفقدك أبدا ..
وها أنا ذا ، معكِ الأن ..
وفى قلبى دائما ..
وإلى الأبد .