يسعى عالم ألماني إلى استكشاف عالم النحل بشكل أدق من خلال تطوير عين صناعية متعددة الزوايا تشبه عين نحل العسل التي يبلغ مجال رؤيتها 300 درجة، وربما ساعدت هذه الأبحاث على تطوير طائرة دقيقة الحجم ذاتية الحركة بحجم النحلة.
يقول الفيزيائي الألماني فولغانغ شتورتسل:”رغم صغر حجم مخ النحلة إلا أنها ترى العالم من زوايا عديدة وتستطيع استكشافه بشكل مدهش”. ويسعى شتورتسل الذي يعمل بجامعة بلفيلد الألمانية إلى تطوير آلة ذاتية الحركة صغيرة تشبه النحلة يمكن روؤية العالم من خلالها، وهو ما سيشكل إنجازا علميا هائلا برأيه . ويرى شتورتسل بأن المهم في ذلك هو اكتشاف التوافق بين حركة النحلة وتعرفها على عالمها المحيط بها مضيفا: “إذا فهمنا ذلك فسيمكننا نقل هذا التوافق إلى أجهزة طيران صغيرة”.
دراسة معمقة للنحل
وستكون الاستفادة الأساسية من الآلة التي يحلم بها شتورتسل في الرؤية متعددة الزوايا للنحلة حيث يبلغ مجال رؤيتها 300 درجة، مما يجعلها تستطيع رؤية ما يدور خلف ظهرها. في هذا الصدد يقول شتورتسل:”بهذه الطريقة يمكن للأجهزة الدقيقة ذاتية الحركة أن تتفادى العوائق أثناء حركتها في غرف مغلقة، وهو ما يمكن أن يساعد على سبيل المثال في البحث عن مطمورين. كما أن العمل في تطوير نحلة صناعية يؤدي حسب شتورتسل إلى الحصول على معلومات إضافية عن النحلة نفسها، “فعندما يريد الإنسان صناعة شيء يعمل بنفس طريقة عمل النموذج الأصلي فإن ذلك يعني أنه فهم كيفية عمل هذا النموذج”. وأضاف شتورتسل: “النحل ليس نسخة واحدة كما يظن البعض، فلكل نحلة شخصيتها”.
“فهم النحل أسهل من فهم الإنسان”
بدأ شتورتسل بدراسة عين النحلة من خلال صور ورسوم عين شبيهة بعينها على الكمبيوتر. ورغم العين الخاصة التي تمتلكها النحلة بما لهذه العين من نحو 5500 عدسة، إلا أن الصورة التي تصل للنحلة مشوشة كثيرا. وعن ذلك أوضح شتورتسل أنه “أحيانا يكون من الأفضل أن يكون مجال الرؤية أمامك واسع، وليس بالضرورة هنا أن تكون الصورة دقيقة”. ويلجأ شتورتسل للدفاع عن موضوع بحثه إذا اضطر لذلك، وفي هذا السياق يقول :”النحلة حيوان رائع الجمال ومفيد وجمالي بشكل ما”. وردا على السؤال عن سبب اختيار النحلة بالذات لأبحاثه توقف شتورتسل ذو الوجه الباسم لحظة وقال بلهجة جادة:”عندي أمل في أن يكون فهم النحلة أسهل من فهم الإنسان”. ورأى شتورتسل أن النحلة تستطيع باستراتيجيات بسيطة ومخ ضئيل حل مسائل ببساطة غير متوقعة.
عين أمريكية شبيهة بعين النحلة
ويعمل شتورتسل (40 سنة) منذ سنوات على تطوير عين شبيهة بعين الحشرة. ولصناعة هذه العين قام الباحث بتركيب كاميرا فيديو ذات عدسة دقيقة الحجم تعلوها مرآة دقيقة أيضا. ويعمل الشكل المقعر للعدسة على أن ترصد الكاميرا أيضا أشياء موجودة بشكل منحرف خلف الكاميرا. و وضع شتورتسل أمام هذه المرآة أيضا عدستين أخريين. وتوفر هذه التركيبة الماهرة من العدسات زاوية رؤية من 280 درجة مئوية بشكل يشبه عين النحلة كما يتصورها شتورتسل.
ويعتزم باحثون ألمان الاستفادة من مميزات العين التي تتمتع بزوايا رؤية متعددة حيث يعمل أيضا باحثون تحت إشراف عالم الأحياء لوك ليه في جامعة باركلي في كالفورنيا على تطوير عين نحلة يمكن استخدامها في كاميرات دقيقة الحجم. ولكن خلافا لطريقة بناء العين التي يعكف الباحث الألماني على تطويرها فإن العين الأمريكية تبدو شبيهة بعين النحلة فعلا، أما عين شتورتسل فلا تبدو من الوهلة الأولى ذات علاقة بعين النحلة الحقيقية كثيرة زوايا الرؤية.