سلاح دمار شامل في يد المراهقين..
بقلم الكاتب الصحفي :كمال قرور*
مقال الصديق الصحفي والإعلامي الخير شوار عن خطر التكنولوجيا الرقمية وخاصة,اليوتيب والبلوتوث في غاية الأهمية و يحتاج إلى وقفة تأملية تحليلية,والى حلقات نقاش, إن أمكن. لأنه يرصد ظاهرة جديدة,طرأت على المجتمع العربي والجزائري خاصة, وتوغلت في أوساط الشباب, بعيدا عن الرقابة والتوجيه, وخاصة أن فئة الشباب غالبا ما توصف بأنها طائشة ومستهترة وغير مسؤولة.
وللأسف مازال الباحثون والدارسون والمختصون والمسؤولون لا يهتمون بهذه الظاهرة التي دق صديقنا شوار, في مقاله, ناقوس خطرها على المجتمع,مستشهدا وبكل نزاهة وجرأة ببعض الأخبار التي نشرتها الصحف اليومية.ليكشف مدى انتشار الظاهرة وآثارها السلبية.
الثورة الرقمية, واقع مفروض على مجتمعنا, وهي نقلة نوعية لوسائل الاتصال الجماهيرية مثل: السينما و الإذاعة والتلفزيون والجرائد..
لكن الوسائط الرقمية الجديدة أصبحت أكثر شعبية وأقل نخبوية من الوسائل الاتصالية الجماهيرية السابقة.
زيادة على ثمنها غير المكلف وسهولة استعمالها, تجعل من مالكها أكثر حرية وتفاعلا مع الآخرين,ل أنه ليس مجرد متلق أو مستهلك كلاسيكي وإنما بإمكانه أن يساهم في صنع مادة هذه الوسائط, بما تمليه عليه قناعاته. ولأن مستعملي هذه الوسائط من الشباب المراهقين يفتقرون إلى جينات الثقافة الدفاعية والتوجيهات الصحيحة بإمكانهم أن يستعملوا هذه الوسائط في أغراض غير اجتماعية وغير أخلاقية.
إذا لم نسارع إلى تدارك الأمر. ستساهم هذه الوسائط الرقمية العجيبة في تخديش الحياء وتعمل على هدم المجتمع بنسف الركائز التي يقوم عليها وهي الأخلاق .
صراحة, العيب ليس في هذه الوسائط المغرية والساحرة وإنما العيب فينا. نحن نوظفها توظيفا سيئا.لأن عقولنا مازالت مراهقة منبهرة بالجسد والغريزة والفضائح. إنها تعبر, بكل بساطة,عن أمراضنا وعقدنا النفسية.
رحم الله زمن الثورات التي غيرت المجتمعات حيث لعب الاتصال دورا كبيرا وبأبسط وسائل الاتصال في توعية المواطنين وتجنيدهم لخدمة قضية أمتهم والمساهمة في التغيير الأفضل من أجل الحرية والعدالة والكرامة.
ولكن لما تطورت الوسائط وصارت أكثر جماهيرية, أصبحت تعمل على هدم المجتمع وتقويض أسسه, يا للعجب .
والمخيف, أن كل الوسائط الاتصالية الرقمية صارت سلاح دمار شامل فتاك في أيدي الصبيان والمراهقين. يستعملونها للتهديد والابتزاز, ويقتلون بها الوقت في ثرثرة الشات والنكت المبتذلة والصور الخليعة, خالية من كل روح اجتماعية أو تربوية أو فائدة علمية ولذلك فهي بدون رسالة حضارية.
يحدث كل هذا, بينما النخبة عاجزة عن التعامل مع هذه الوسائط المعاصرة, لغة العصر. بل تزدريها وتسفهها, فأنى لها أن توجه هذه الوسائط الوجهة الصحيحة.
نحتاج اليوم إلى إستراتيجية محكمة لتوظيف هذه الوسائط توظيفا ايجابيا لاستثمار مواهب وهوايات الشباب. تشارك فيها: الإذاعة الوطنية,الإذاعات المحلية, التلفزيون, وزارة الشباب, التربية, الثقافة, الاتصال, مديريات الثقافة, دور الثقافة, دور الشباب وكل فعاليات المجتمع المدني.
عندما تقبل مؤسسات الدولة أن تفتح الباب لاهتمامات الشباب حتما ستتحول هذه الوسائط إلى قناة للتواصل والتعبير عن الاهتمامات العامة وحتما ستساهم في التخفيف من الاحتقان والتشنج وتسمح بالحوار الهادئ المسئول, بعيدا عن العنف وكل السلوكات الطائشة.
عندما ترعى وزارة التربية بالتنسيق مع مواقع الكترونية وطنية مجلات المدارس الالكترونية ومدونات التلاميذ الخاصة يمكن أن نخلق التنافس الجاد الذي يسمح بالعمل الجماعي لتثمين البحث وصقل المواهب, وتنمية الإبداع.
وعندما تهتم الإذاعة الوطنية والإذاعات المحلية بأصوات الشباب وتعاليقهم وسكاتشاتهم ونكتهم واهتماماتهم الخاصة وأحلامهم حتما ستغير إدراك الشباب وتساهم في توجيههم الوجهة الصحيحة ليصبحوا أكثر تفاعلا مع محيطهم.
وعندما يفتح التلفزيون أبوابه لتجارب الشباب: صور,فيديوهات, أفلام قصيرة, تعليقات, تقارير, آراء انطباعات, سكاتشات…الخ. حتما سيكسب هذه الشريحة الكبيرة التي يسعى بدوره للتأثير فيها. تجربة الجزيرة أفضل دليل؟
وعندما ترعى وزارة الثقافة والاتصال والشباب بالتنسيق مع مديريات الثقافة والمراكز الثقافية ودور الشباب ملتقيات ومهرجانات جهوية ووطنية للاحتفاء بالصورة التي يلتقطها ويبدعها شباب الوطن نكون قد فتحنا فضاء جديدا لثقافة الصورة قابل للتأطير والتحفيز والتشجيع والرعاية.
هذه بعض الملاحظات التي راودتني بعد قراءة مقال الصديق الخير.أتمنى أن تجد النية الصادقة للتنفيذ,لأنها يمكن أن تساهم في تفكيك سلاح الدمار الشامل او التكنولوجيا الرقمية, لتصبح وسيلة سلمية علمية تربوية حضارية تساهم في بناء المجتمع .